ثريا سالم.. مرض أصابها بالشلل، ونذرت الرقص إذا وقفت على قدميها مجدداً، وغمزت عين كادت تفقدها حياتها

 

ثريا سالم

راقصة كانت في وقت من الأوقات من أفضل الراقصات علي الساحة الفنية بلا منازع، دخلت عالم الفن عن طريق المخرج "حسن الإمام "، وشاركت بعدها في العديد من الأعمال الفنية، أصيبت بمرض أحتار فيه الأطباء وندرت الرقص في حال استطاعتها المشي على قدميها من جديد، أنها الفنانة "ثريا سالم".


بداية ثريا سالم:

ولدت ثريا سالم في 5 يونيو عام 1928، درست في مدرسة الراهبات بعزبة النخل بالقاهرة، وبعد أن توفى والدها انتقلت للعيش مع والدتها في شقة صغيرة بشارع جامع البنات، يقع في حي باب الخلق بالقرب من شارع محمد علي الذي كان يشتهر في ذلك الوقت باحتوائه على أكبر تجمع للراقصات في مصر.


كانت تطل شرفتها على منزل راقصة أفراح شهيرة تدعي "فردوس الزمر"، وكانت كثيراً ما تقف "ثريا سالم" تشاهد تلك الراقصة وهي تتدرب مع فرقتها على التابلوهات الفنية التي ستقدمها في الأفراح، تأثرت بها كثيراً وكانت تتابعها عن كثب كل ليلية وتتعلم منها الجديد في عالم الرقص.


في يوم من الأيام كانت "ثريا سالم" تقلد ما تعلمته من الراقصة "فردوس الزمر"، وفي ذلك اليوم انقلبت الأدوار "ثريا سالم" ترقص و"فردوس الزمر" تشاهدها من شباكها، وبعد أنتهاء "ثريا سالم" من الرقص، استقبلتها "فروس الزمر" بتصفيق حاد، معلنة إعجابها بمستواها في الرقص الشرقي.


ثريا سالم تصبح راقصة:

لم تضيع "فردوس الزمر" الفرصه من يديها، فهى أمام موهبة بالفطرة ينقصها بعض التدريب فقط، لتنطلق في الأفراح معلنه ميلاد نجمة جديدة في عالم الرقص، فذهبت إلي منزل "ثريا سالم" وطلبت من والدتها أن تعمل ابنتها معاها في الأفراح مقابل مبلغ جيد من المال، ووافقت الأم على ذلك، حيث أن المبلغ الذي ستحصل عليه "ثريا" قد يساعد الأم في مصاريف الحياة، خصوصاً في ظروفهم الصعبة بعد وفاة عائل الأسرة الوحيد.


ثريا سالم تدخل عالم السينما:

تعلمت "ثريا سالم" الكثير على يد "فردوس الزمر" وبعدها انتقلت من فرقة إلى أخرى تبحث عن حياة أفضل وفرصة أفضل، حتى وصلت برقصها لإحياء حفل زفاف ابنة رئيس وزراء مصر وقتها "حسين باشا سري"، الذي حضره كبار رجال الدولة وعلى رأسهم "الملك فاروق" وزوجته الملكة "فريدة"، وفي عام 1950 كانت تحى حفل زفاف وكان من ضمن المدعوين المخرج "حسن الإمام"، الذي أعجب برقصها وعرض عليها المشاركة فى فيلم "ساعة لقلبك" من بطولة "شادية" و "كمال الشناوي" مقابل 50 جنيها عن تلك الرقصة، طبعاً وفاقت "ثريا سالم" علي الفور لثلاثة أسباب، السبب الأول الأجر الكبير الذي ستحصل عليه مقابل رقصة واحدة، والثاني حبها في الفنانة شادية، والثالث دخولها من خلال تلك الرقصة عالم السينما.


ونفس الموقف تكرر مرة أخرى أثناء حفل في قصر البارون في حي مصر الجديدة، عندما رآها المخرج "إلهامي حسن"، وعرض عليها أن تسافر لتشارك في استعراض كبير في مدينة دوفيل الفرنسية مقابل 3000 جنية، فوافقت على الفور بسبب الأجر العالي وبسبب أنها لم تسافر خارج مصر من قبل.


لمع أسم "ثريا سالم" في عالم الرقص، وصل أسمها ورقصها لـ "فريد الأطرش" ورشحها للمشاركة في فيلم "رسالة غرام" وفيلم "لحن الخلود"، وشاركت خلال مسيرتها الفنية في عشرين فيلماً، وآخر أعمالها مسرحية "السبنسة" عام 1962.


غمزة عين كادت تفقد ثريا سالم حياتها:

من المواقف التي تتناولها الصحف على "ثريا سالم"، حفل في أحد قرى الصعيد، كادت أن تفقد حياتها بسبب غمزة عين فيه.


تضم الفرقة عدد من المطربين والمطربات والراقصات، المكان ضيق وعدد الحضور كبير، يرحب الجمهور بمطرب ويرفض أخر، الوضع فوضوي ولا يمكن السيطرة علي الحشود، الفرقة تفكر أن تستعين بالشرطه للسيطرة على الوضع، ولكن تم رفض الفكرة، لأن حضور الشرطة قد يلغي الحفل من الأساس، جاء دور "ثريا سالم" لتصعد على المسرح، وفي تقليد في الرقص الشرقي تحدثت عنه لـ مجلة "الكواكب" وهو  (أن الراقصه أثناء الرقص من الممكن أن تقوم "بغمزة عين" لأحد الحضور، في اشاره من الراقصة أنها ترقص له وحده)، وهو ما فعلته في تلك الحفل لأحد الحضور، 


بعد "غمزة العين"، بدأت الأصوات تعلوا في الصاله، وتملكها الخوف، فتركت المسرح مسرعة وذهبت إلى غرفتها في المسرح وأغلقت على نفسها من الداخل، وعندما نظرة من ثقب الباب وجدت عدد كبير من الناس خلف الباب، تملكها الخوف أكثر وهربت من شباك الغرفه، وجدت عدد من الأطفال في استقبالها في الأسفل ونقلوها إلي فندق قريب، وهنا قررت الفرقة الاستعانة بالشرطة لحمايتهم.


في دقائق كانت الشرطة في المكان، تسيطر على الوضع وتجمع الأسلحة، ولكن صاحب الغمزة ورجاله كانوا مصرين علي أن تكون "ثريا سالم" ضيفة في منزله تلك الليلة، وخرجت من الفندق تحت حماية الشرطة، وباتت تلك الليلة عن سيدة لا تعرفها، وارتدت من ملابسها ونامت علي فراشها الذي قالت عنه أنه كان صلب وتعب أضلاعها، وخلال نومها رأت الرجل صاحب الغمزة وهي في ضيافته ولكن الحمد لله كان مجرد " كابوس"، وفي الصباح غادرت الفرقة بصحبة "ثريا سالم" تحت حماية الشرطة، ومن يومها لم تغمز لأي شخص خلال رقصها أبداً.


مرض غامض يصيب ثريا سالم بالشلل:

تعرضت "ثريا سالم" في الستينيات لمرض غامض، كاد أن ينهي حياتها، أحتار فيه الأطباء، وانفردت مجلة آخر ساعة يوم 16 يناير عام 1963، بتفاصيل مرضها عبر صفحاتها، وملخص ما جاء في التقرير هو أنها ظلت ثلاث سنوات تذهب من طبيب لطبيب وتعرض نفسها على الأطباء العالميين الذين يأتوا إلي مصر بلا فائدة، و أجرت ثلاث عمليات استأصلوا خلالها أجزاء من الغدد، وأرسلوها إلى لندن لإجراء تحاليل عليها، وردت المستشفى في لندن عليهم باستدعائها للسفر والعلاج هناك.


وصلت ثريا مرحلة صعبة من المرض ولم تعد تستطع أن تمشي علي قدميها وأصيب ذراعها بشلل، وقرر الأطباء في لندن أن تخضع لجراحة رابعة مثل الثلاثة جراحات التي قام بها أطباء مصر، يستأصلون أجزاء من الغدد مجدداً، وقبل أن تجري العملية قالت: " إذا وقفت علي علي قدمي بعد العملية، سأقيم حفلة وأرقص فيها بنفسي"، لم تستطع للأسف أن ترقص بعد العملية، بعد إخضاعها لجهاز الأكسجين لمدة 17 يوم، وخضوعها للعلاج الطبيعي فترة طويلة من الزمن، ولكن في النهاية عادت للقاهرة ورفضت أن يساعدها طاقم الطائرة علي النزول، خوفاً على مشاعر والدتها التي استقبلتها بالزغاريد وهي تقف علي قدميها دون مساعدة أحد.


كان أول من اتصل ليطمئن عليها في منزلها السيدة "أم كلثوم"، وظلت "ثريا سالم" في بيتها لبعض الوقت وذهب بعدها إلى "المستشفى الخيري الإسلامي" لاستكمال علاجها.


وفاة ثريا سالم:

غير معروف على وجه التحديد، تاريخ وفاة الفنانة ثريا سالم، يبدو أنها اعتزلت الفن بعد مرضها وسقطت من حسابات المهتمين بالرقصة والفن، توفيت في هدوء دون أن يعرف أحد.



تعليقات

المشاركات الشائعة